درجة حرارة قمة إيفرست القاسية

درجة الحرارة على قمة إيفرست: رحلة إلى القمة الأكثر برودة في العالم

تعد قمة جبل إيفرست، أعلى قمة جبلية على سطح الأرض، من أبرز المعالم الطبيعية التي أثارت اهتمام الجغرافيين، وعلماء المناخ، ومتسلقي الجبال، والباحثين في علم الطقس والمناخ. تقع هذه القمة في سلسلة جبال الهملايا، حيث يشكل جبل إيفرست الحد الفاصل بين نيبال والصين. ومع ارتفاعها الذي يبلغ 8,848 مترًا عن سطح البحر، فإن درجة الحرارة على القمة تعتبر من بين الأكثر انخفاضًا على وجه الأرض، مما يجعلها بيئة قاسية وصعبة للبقاء على قيد الحياة. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل درجة الحرارة على قمة إيفرست، والعوامل المؤثرة في تحديدها، والظروف المناخية السائدة هناك، بالإضافة إلى تأثير ذلك على الحياة البرية والإنسان.

1. درجة الحرارة على قمة إيفرست: مقدمة عامة

إن درجة الحرارة على قمة جبل إيفرست تختلف بشكل كبير طوال العام وتعتمد بشكل أساسي على مجموعة من العوامل المناخية مثل الموسم، الوقت من اليوم، الارتفاع، والظروف الجوية المحلية. تعد هذه القمة واحدة من أكثر الأماكن برودة على سطح الأرض، ويُعتبر التكيف مع هذه الظروف أحد أكبر التحديات التي يواجهها متسلقو الجبال.

تتراوح درجات الحرارة على قمة إيفرست بشكل عام بين -20 درجة مئوية إلى -60 درجة مئوية في أشهر الشتاء. بينما في أشهر الصيف، تكون درجات الحرارة أكثر اعتدالًا نسبيًا ولكنها لا تتجاوز -10 درجة مئوية، حيث يتمكن المتسلقون عادة من تسلق الجبل في هذا الوقت من العام. ولكن حتى في الصيف، تكون الظروف المناخية قاسية بما يكفي لتحذر كل مغامر يحاول الوصول إلى القمة.

2. العوامل التي تؤثر في درجة الحرارة على قمة إيفرست

أ. الارتفاع

يعتبر الارتفاع من أبرز العوامل التي تؤثر في درجة الحرارة على قمة إيفرست. بصفة عامة، كلما زاد الارتفاع، انخفضت درجة الحرارة. على ارتفاعات كبيرة مثل قمة إيفرست، تكون الطبقات الجوية العلوية أرق، مما يعني أن الهواء يحتوي على كمية أقل من الجزيئات التي تحتفظ بالحرارة. ووفقًا للقاعدة المناخية العامة، فإن درجة الحرارة تنخفض بمعدل 6.5 درجة مئوية لكل كيلو متر من الارتفاع. ولكن عند قمة إيفرست، يمكن أن تكون هذه القاعدة أقل دقة بسبب العوامل الجوية الأخرى.

ب. الوقت من اليوم

تتغير درجات الحرارة بشكل ملحوظ طوال اليوم على قمة إيفرست. في الصباح الباكر، قبل أن يبدأ الضوء في التسرب إلى السماء، تكون درجات الحرارة منخفضة جدًا، مما يجعل بيئة الجبل أكثر قسوة. ومع ارتفاع الشمس في السماء، يمكن أن ترتفع درجات الحرارة قليلاً، ولكن هذا الارتفاع محدود للغاية بسبب الارتفاع الشاهق والموقع الجغرافي. في المساء، تعود درجات الحرارة للانخفاض مرة أخرى بشكل حاد.

ج. الفصول

يعد فصل الشتاء أكثر الفصول قسوة على قمة إيفرست، حيث تكون الرياح العاتية والبرودة الشديدة هما السمتان الرئيسيتان لهذا الموسم. في حين أن فصول الربيع والصيف تشهد ظروفًا مناخية أقل قسوة، إلا أن الظروف لا تزال تتطلب مهارات وتقنيات عالية للتأقلم معها. تجذب هذه الفصول بشكل خاص المتسلقين الذين يسعون لتحقيق إنجازاتهم في صعود القمة، على الرغم من أن التحديات المناخية تظل مستمرة طوال العام.

د. الرياح والطقس المحيط

تعد الرياح من العوامل المهمة في تحديد درجة الحرارة الفعلية التي يشعر بها الإنسان، والمعروفة باسم “درجة الحرارة المحسوسة”. على قمة إيفرست، يمكن أن تكون الرياح شديدة للغاية، حيث تصل سرعتها إلى أكثر من 100 كم/ساعة في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإن الطقس غير المستقر يمكن أن يؤدي إلى تقلبات مفاجئة في درجة الحرارة، مما يزيد من صعوبة التنبؤ بالأحوال الجوية على الجبل.

3. تأثير درجة الحرارة على الحياة البرية

لا تقتصر تأثيرات درجات الحرارة القاسية على قمة إيفرست على الإنسان فحسب، بل تمتد أيضًا إلى الحياة البرية. في تلك الارتفاعات، لا توجد العديد من الأنواع الحيوانية التي يمكنها التكيف مع هذه الظروف الشديدة. إن الحياة النباتية والحيوانية على قمة إيفرست محدودة للغاية بسبب الظروف المناخية الصعبة.

أ. النباتات

على ارتفاعات تصل إلى 5,000 متر أو أكثر، تقل أنواع النباتات بشكل كبير. فقط بعض النباتات المقاومة للبرد يمكنها البقاء على قيد الحياة في هذه المناطق، مثل الحشائش القوية وبعض النباتات المزهرة التي تنمو في المناطق التي تملك أشعة شمس مباشرة. ومع ذلك، تختفي هذه النباتات تقريبًا على ارتفاعات تتجاوز 6,000 متر.

ب. الحيوانات

أما بالنسبة للحيوانات، فإن قمة إيفرست هي بيئة غير صالحة للكثير من الأنواع. قد تتواجد بعض الحيوانات مثل الوعول (التي تتكيف مع الحياة في الجبال) وبعض الطيور المهاجرة في المناطق السفلى من الجبل، ولكن لا يوجد أي نوع من الحيوانات التي تعيش بشكل دائم على القمة نفسها.

4. تأثير درجة الحرارة على الإنسان

إن التغيرات الحادة في درجات الحرارة على قمة إيفرست تشكل تحديات كبيرة لمتسلقي الجبال. تبدأ المشاكل الصحية بمجرد وصول المتسلقين إلى ارتفاعات تتجاوز 5,500 متر، حيث تبدأ الأعراض المبكرة لمرض المرتفعات (الذي يحدث نتيجة نقص الأوكسجين) بالظهور. ومع الارتفاع إلى 8,848 متر، تصبح الظروف أكثر قسوة، حيث يواجه المتسلقون مشكلات تتعلق بالبقاء على قيد الحياة.

أ. تأثير البرد على الجسم

مع انخفاض درجة الحرارة، يعاني المتسلقون من مشاكل صحية متعلقة بالبرودة مثل تجمد الأطراف (التي قد تؤدي إلى بتر الأجزاء المتجمدة)، واضطرابات في الدورة الدموية، وتدمير خلايا الجلد بسبب البرودة القاسية. قد يتعرض المتسلقون أيضًا للإرهاق الناتج عن البرد الشديد، مما يؤثر على قدرتهم على التنقل والتفاعل مع البيئة المحيطة.

ب. تأثير الأوكسجين المنخفض

نظرًا لأن الأوكسجين يصبح أقل كلما ارتفعنا في الارتفاعات العالية، فإن الجسم يحتاج إلى التكيف مع هذه البيئة القاسية. إن نقص الأوكسجين يقلل من قدرة الجسم على الحفاظ على درجة حرارته، مما يضاعف من خطر الإصابة بالإرهاق البارد. عادة ما يتعرض المتسلقون إلى خطر التسمم بأول أكسيد الكربون من خلال التنفس في الهواء الملوث من الفحم أو الكيروسين، وهو ما قد يزيد من صعوبة التكيف مع الظروف الباردة.

5. التجهيزات والتقنيات اللازمة لمواجهة درجة الحرارة

للتغلب على هذه الظروف القاسية، يحتاج المتسلقون إلى معدات متقدمة وتقنيات خاصة للبقاء على قيد الحياة. تبدأ هذه التجهيزات من الملابس المخصصة للبرد الشديد، مثل الملابس الحرارية المعزولة والملابس الواقية من الرياح. كما يتطلب الصعود إلى قمة إيفرست مهارات متقدمة في استخدام المعدات مثل أكسجين الدعم، وأدوات التسلق، والخيام المقاومة للرياح، والوقود المناسب.

إضافة إلى ذلك، لا يمكن للمتسلقين المضي قدمًا في الصعود إلا بعد أن يتأقلموا مع الظروف على مراحل، حيث يتطلب الأمر بضع فترات من التوقف والراحة في معسكرات الارتفاعات المختلفة. خلال هذه الفترات، يتعين على المتسلقين أن يتخذوا احتياطات خاصة لحماية أنفسهم من البرد القارس، وذلك باستخدام الأوكسجين الصناعي وملابس الحماية.

خاتمة

تعتبر درجة الحرارة على قمة إيفرست من أبرز التحديات التي تواجه المتسلقين والمستكشفين الذين يسعون إلى تحقيق إنجازات تاريخية. إن قسوة البرودة والظروف المناخية على ارتفاعات شاهقة تجعل من الصعود إلى هذه القمة مغامرة خطيرة وغير مأمونة. رغم أن التقدم في علم المعدات وتقنيات التسلق قد خفف بعضًا من هذه المخاطر، إلا أن معركة الإنسان مع البرودة على قمة إيفرست ستظل واحدة من أعظم التحديات في تاريخ الاستكشاف.